المشهد يتكرر في كل مكان، في الحدائق العامة؛ المجمعات التجارية؛ المطاعم؛ المطارات؛ أمام باب المدرسة، في أي مكان ... عاملة المنزل الآسيوية أو الأفريقية المتعددة الأغراض تقود طفلا صغيرا من يده أو تحمله في حضنها أو تدفع عربته، تسقيه وتطعمه، تقوم بتنظيفه وتغيير ملابسه، تصطحبه إلى الدكان، ربما تحكي له حكاية قبل النوم ... لا أظن أنني أحتاج إلى تفصيل الأعمال التي تكلف بها هذه العاملة لرعاية وتربية أطفالنا...
هذا المشهد الذي يتكرر ربما حصريا في دول الخليج... لم نره في أوروبا أو دول شرق آسيا أو غيرها من الدول العربية... ما شاهدناه من خلال زيارتنا لأماكن عديدة خارج دول الخليج هو تعلق الأطفال بآبائهم وأمهاتهم سواءا في الأماكن العامة خارج المنزل أو داخل البيت...
هذا المشهد الذي أشاهده بشكل يومي (عاملة المنزل مع الأطفال) يصيبني بنوع من القلق شفقة على ذلك الملاك الصغير الذي قرر والداه تكليف عاملة المنزل مهمة رعاية وتربية هذه الضحية بالوكالة...
السؤال الذي يطرح نفسه: هل نعي - كآباء وأمهات- ما نحن فاعلون بحق هؤلاء اﻷطفال؟ هل هذه التربية التي يستحقها هؤلاء الأطفال منا كوالدين؟ هل هي في حقيقتها تربية أم فقط رعاية لكائن حي مثلما نوفر هذه الرعاية لأي كائن حي آخر من حيوان أو نبات بتوفير المستلزمات التي تضمن بقاء هذا الكائن الحي ونموه؟
أتمنى أن أكون مبالغا بوصف هذا السلوك (إسناد تربية أطفالنا لعاملات المنازل) جريمة نرتكبها بحق هؤلاء الأطفال سنحصد نتائجها في الأجيال القادمة التي ستكون منتج هؤلاء العاملات...
إذا لم نتدارك أنفسنا ونصحح كل الأخطاء التي ارتكبناها أو بصدد الوقوع فيها، سنكون أمام جيل يعاني من برود عاطفي تجاه والديه ستكون نتيجته عقوق الوالدين وعدم احترامهما لأنهما لا محل لهما في الذاكرة أو العقل الباطن في تاريخه الطفولي...
إذا لم نتدارك أنفسنا ونصحح كل الأخطاء التي ارتكبناها أو بصدد الوقوع فيها، سنكون أمام جيل يعاني من برود عاطفي تجاه والديه ستكون نتيجته عقوق الوالدين وعدم احترامهما لأنهما لا محل لهما في الذاكرة أو العقل الباطن في تاريخه الطفولي...
هذا عرض لمرض من الأمراض الاجتماعية التي انتشرت بشكل خاص في دول الخليج العربي، فكما أن هناك أمراض عضوية تحتاج إلى تشخيص من قبل الأطباء ووصف العلاج الناجع لها، فهناك أيضا أمراض اجتماعية بدأت بالانتشار في مجتمعاتنا تحتاج إلى من يشمر الساعد من الأخصائيين في هذا المجال لدراسة مثل هذه الأمراض لتقدير حجم المشكلة وتشخيص المرض بشكل دقيق ووصف علاج مناسب لها...
دعوة أوجهها إلى الآباء والأمهات للاهتمام بأطفالهم وقضاء الوقت الكافي معهم للحفاظ على تلك العلاقة العاطفية بين الآباء والأبناء، كما هي دعوة موجهة إلى المختصين للخروج بدراسة تحليلية/استشرافية لما يمكن أن تسببه مثل هذه المشكلات وكيفية تفاديها واقتراح حلول أفضل لفلذات أكبادنا لتربيتهم التربية الصحيحة بجانب الرعاية الجيدة التي يحصلون عليها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق